الثلاثاء، 27 ديسمبر 2016

رسالة مفصلة عن وادي ضيقة دماء والطائيين الى قريات

رسالة مفصلة عن وادي ضيقة للشيخ العلامة محمد بن شامس البطاشي رحمه الله فأحببت أن أوردها لتعم الفائدة لا سيما وأن الشيخ تطرق في رسالته إلى ذكر معلومات مهمة عن الأودية التي تصب في ضيقة والبلدان التي يمر بها وداي ضيقة من المنبع وإلى المصب وتحدث عن القبائل القاطنة في تلك البلاد وذكر أنسابها وفي الرسالة معلومات جغرافية وأخرى تاريخية وعلمية غاية في الأهمية أتمنى أن تنال إعجابكم .


ضيقة أكبر واد بعمان

ينحدر هذا الوادي من ( الجرداء ) التي هي كالسطح لعمان لأن منها تنحدر جملة أودية منها : وادي ( عندام ) المشهور فإنه ينحدر من ( الجرداء ) ويصب في البحر الجنوبي . 
ومنها وادي ( العق ) ينحدر من شمال ( الجرداء ) ويمر بوادي ( العق ) و ( سرور ) ويلتقي بوادي ( سمائل ) في ( سرور ) ثم ينصب في بلدة ( السيب ) .
ومنها وادي ( منصح ) ينحدر من شمال ( الجرداء ) الشرقي ويمر ببلدان همدان ويلتقي بوادي ( العق ) ووادي (سمائل ) في بدبد .
ينحدر وادي ( ضيقة ) من موضع من ( الجرداء ) بأعالي بلدة ( بعد ) يسمى ( مقاحيم العبد ) ويسمى هناك ( وادي حَمّ ) ووادي ( الضوب ) ينحدر إلى بلدة ( بعد ) ثم يلتقي بواد يأتي من ( نجد الواسط ) من بلاد همدان يسمى هذا الوادي ( وادي الرحبة ) رأسه ( نجد الواسط ) فمن الوادي إلى جهة الشمال وادي ( منصح ) الذي قدمنا ذكره ، ومن النجد إلى الجنوب وادي ( الرحبة ) الذي يلتقي مع وادي ( حَمّ ) ببلدة ( نقصي ) من بلاد همدان ثم ينحدر الواديان من هناك ويسمى المجموع ( الوادي الكبير ) إلى بلدة ( مس ) فيلتقي به واد يأتي من جهة الجنوب يسمى وادي ( قعبت ) ثم ينحدر إلى بلدة ( مزبر ) ثم إلى بلدة ( غياظة ) .
وهناك تنصب فيه أودية وشراج وأودية من ( الجبل الأبيض ) الكبير ومن ( الحلاة ) منها وادي ( الريحاني ) وأودية أخر ثم ينحدر إلى بلدة ( البديعة ) وبلدة ( السبل ) وهناك ينصب فيه وادي ( عمدة ) ثم ينحدر إلى بلدان بني عرابة وهناك ينصب فيه وادي ( تماة ) ووادي ( الحمام ) ثم ينحدر إلى بلدة( احدى ) وهناك ينصب فيه وادي ( العجف ) .
وهذه كلها أودية كبيرة ثم ينحدر إلى بلدة ( عقدا ) وبلدة ( السويح ) وبلدة ( عجما ) وهناك ينصب فيه وادي ( عجما ) وهذه الأودية من الجبل الكبير ثم إلى بلدة ( الغيان ) وهناك يلتقي بوادي ( دما ) وهذا الوادي من الأودية الفحول ينحدر وادي ( دما ) من أعالي بلدة ( الحاجر ) من موضع يسمى ( هاويت ) ويسانده واد آخر من جهة الشمال يسمى وادي ( سويطة ) .
ينحدر هذا الوادي - وادي دما - بين بلدان ( دما ) وتسانده أودية عظيمة منها وادي ( ناح ) ووادي ( حباب ) بعد أن يقطع بلدة ( دما ) العامرة بالأفلاج والبلدان أعلاها ( الحاجر ) ثم ( عوف ) ثم ( القطيفي ) ثم ( الغمصية ) ثم ( القرية) ( فالحصن ) ( فالحيل ) ثم ( القفصة ) ( فحارة ) ( فسموط ) ثم ( صويحان ) .
وتتخلل هذه البلدان أودية تنصب في ( الوادي الكبير ) من الجانبين ثم ينحدر الوادي حتى يلتقي بوادي ( المسفاة ) وبلدة ( الغبيرة ) ثم ينحدر إلى بلدة ( محلاح ) فإلى ( الغيان ) و ( السيدافي ) وهناك يلتقي ( بالوادي الكبير ) ثم ينحدر إلى بلدة ( الركاكية ) حيث يلتقي بوادي ( وشغ ) الجائي من جهة الجنوب .
وهذا الوادي أيضا من الأودية العظيمة يقال انه يشتمل على سبعين وادياً يفصل رأس هذا الوادي بين وادي ( الطائيين ) وبلدان الحرث والمساكرة ثم يلتقي ( بالوادي الكبير ) أعلا بلدة ( الركاكية ) ثم ينحدر هابطاً حيث تلتقي به أودية تنصب فيه من الجبل الكبير منها وادي ( الساقة ) ووادي ( بو هبان ) في بلدة ( سوط ) وتساندها أودية من جهة الجنوب من ( الحلاة ) ثم ينحدر الوادي إلى أن يصل بلدة ( غبرة الطام ) والطام هو الوادي وهناك يلتقي بوادي ( خبة ) المسمى ( الوادي الشرقي ) .
وهذا الوادي أيضاً من الأودية العظيمة ينحدر من ( نجد اسماعية ) ومن الجبل الشرقي من بلدان بني غدانة فيمر ( باسماعية ) و ( خبة ) وهما قريتان كبيرتان ثم ينحدر مغرباً وتنصب فيه جملة أودية من ( الجبل الكبير ) ومن ( الحلاة ) ثم يلتقي ( بالوادي الكبير ) الجائي من ( مقاحيم العبد ) من واحة ( الجرداء ) ومن ( نجد الواسط ) ومن ( حاجر دما ) ومن رأس وادي ( وشغ ) المسمى ( نجد العوينة ) .
تلتقي هذه الأودية كلها أسفل ( غبرة الطام ) وهناك انفلق الجبل العظيم فلقتين بأمر الله جل جلاله حيث جعل فيه مسلكاً لهذا الماء العظيم الجاري من هذه الأودية حيث يقدر ارتفاع الجبل المذكور بخمسة آلاف ذراع ومسافته أربعة فراسخ أي عرضه أما عرض الشق الذي يلج فيه الوادي وهو المسمى ( ضيقة ) فمن موضع مقدار عشرين ذراعاً ومن موضع أزيد ومن موضع أقل .




تجتمع هذه الأودية جميعها في مدخل هذا المضيق ثم تنسحب هابطاً حيث تساندها جملة أودية تنهل من الجبل الكبير منها : وادي ( علباءة ) ينحدر من الجبل الشرقي ووادي ( النصف ) ينحدر من الجبل الغربي ووادي ( المنكاس ) غير الأودية الصغيرة والشراج حتى يخرج من الجبل فهناك تبدو قرية ( المزارع ) وهي قرية تتألف من ثلاثة أفلاج كبار ترفع من ماء هذا الوادي : أولها فلج ( السيح ) وهو نهر كبير مثل فلج السمدي بسمائل ثم فلج ( الجزير ) وهو مثله ثم فلج ( الغبيرة ) وهو دونهما بقليل .
ويلتقي بهذا الوادي جملة أودية في قرية ( المزارع ) منها : وادي ( المافي ) ووادي ( الصلمة ) ووادي ( القرية ) ووادي ( منسفت ) غير الشراج كلها تنصب في هذا الوادي وهي أودية عظيمة .
ثم يخرج الوادي من عمران ( المزارع ) ويمتد بين سلسلة جبال صغيرة خلف الجبل الكبير أعلا ( المزارع ) ثم يتجه إلى بلدة ( حيل الغاف ) وتسانده من هناك أودية كثيرة منها : وادي ( اللصمو ) ووادي ( الياء ) ووادي ( حيل السلم ) ووادي ( المضيف ) ثم ينصب إلى ( حيل الغاف ) وهناك فجوة واسعة وسهل أفيح تشغله عمارة ( حيل الغاف ) .
وهي بلدة جميلة الشكل عديمة المثل بعمان لا توجد بلاد بعمان على شكلها أصلا عمرت من مقدار مائة وسبعين سنة في أيام السلطان سعيد بن سلطان عمرها أحد حكام آل بو سعيد بشكل بديع وفيها من شجر الأمبا ما لا يوجد بغيرها من بلدان عمان .
ثم ينحرف الوادي منها إلى جهة البحر ممتداً بين شبكة جبال حتى يخرج من فج عظيم يسمى ( فج جاوية ) ثم ينسحب إلى البحر منقسماً بين بلدان ( دغمر ) الواقعة على ساحل الخليج وهذه ( دغمر ) تسمى في القديم ( شذرا ) ثم سميت بهذا الاسم من أمد بعيد وهي تتألف من سبع بلدان بين كل بلدين واد : ( الحاجر ) و ( الجناة ) و ( البلاد ) و ( صلان ) و ( الويز ) و ( مهادن ) و ( الخوبار ) .
ووادي ( ضيقة ) أخصب واد بعمان على الإطلاق حيث يطفح فيه الماء على ظهر الأرض بين الجبال مقدار ستة فراسخ من وادي ( الطائيين ) إلى قرب ( حيل الغاف ) وهذا في المحل أما في أيام الخصب فإن الماء يطفو على وجه الأرض مقدار أربعة عشر فرسخاً ترفع منه أفلاج وادي ( الطائيين ) والباقي يسيح في مجرى الوادي تمر فيه القوافل السيارة على الإبل والحمير حيث يصل الماء في بعض المواضع في ( ضيقة ) بين الجبال إلى سنام الجمل وهو ماء في غاية العذوبة لا ينقصه المحل ولا تغيره الشدة .
وهذا الوادي أي وادي ( الطائيين ) من أوله إلى آخره منبع أنهار عمرت بلداناً عديدة فمن الأنهار التي لا تتغير بالمحل في هذا الوادي فلج ( أبو خشاشة ) في بلدة ( بعد ) وفلج ( المر ) في بلدة ( مس و مزبر ) وفلج ( غياظة ) وفلج ( بديعة الجوابر ) وفلج ( المحجين ) وفلج ( الحمام ) وفلج ( قر ) وفلج ( الأسباح ) في قرية ( احدى ) وفلج ( العقداني ) في بلدة ( عقدا ) وفلج ( الأسفل ) في بلدة ( الغبرة ) فهذه أفلاج لا تتغير بالمحل .
وسمي هذا الوادي بوادي ( الطائيين ) لأن أول من نزله قبائل طي وهم : بنو عرابة وبنو عمرو ويتألف وادي ( الطائيين ) من بلدان عديدة تسكنها قبائل متفرقة فأول الوادي بلدة ( بعد ) وهي أكبر بلدانه تسكنها قبيلة أولاد محرز وهم ينتسبون إلى وائل وبعض النسابين ينسبهم إلى جذيمة الأبرش بن مالك بن فهم.
ثم بلدان همدان وهي ( نقصي ) و ( هندروت ) و ( مس ) ثم بلدة ( مزبر ) وهي لقبيلة الحماحمة وهم ينتسبون إلى الأهيف بن حمحام الهنائي القائد الكبير للإمام عزان بن تميم .
ثم بلدة ( غياظة ) وهي تتألف من جملة قبائل من بني وهيب والهاديين وبني غسين والرحبيين ثم ( المديرة ) و ( البديعة ) وهما لقبيلة الجوابر ثم بلدة ( شات ) وهي لقبيلة بني رقّاد .
ثم بلدان بني عرابة وهي : ( السبل ) و ( الحمام ) و ( قر ) و ( العلية ) وهم بنو عرابة بن شرخ بن خطامة بن سعد بن نبهان بن عمرو بن الغوث بن طي .



ثم ( احدى ) وهي من أكبر بلدان الوادي وهي لبني بطاش وهم ينتسبون إلى جبلة بن الأيهم الغساني وهي سوق الوادي وواسطه عقده وهي بلاد عريقة الشرف وقد تخرج منها جملة من العلماء منهم الشيخ العلامة سلطان بن محمد بن الصلت والشيخ سلطان بن محمد بن سلطان والشيخ عمرو بن عدي وابنه عدي بن عمرو والشيخ سيف بن حمود وغيرهم من رجال العلم .
ثم ( عقدا ) وهي بلدة لبني عمرو بن الغوث بن طي وهم الذين عناهم مازن بن غضوبة في قوله : 
يا رائحاً بلغن عمراً واخوتها *** إني لمن قال ربي ناجر قالي 
ثم تأتي بلاد ( محلاح ) وهي لقبيلة بني ذخر وهم ينتسبون إلى قبيلة بني ياس حيث يقال أن ذخراً وفلاحاً اخوة وبنو ياس يقال أن نسبهم يتصل بإياس بن قبيصة الطائي .
ثم تأتي بلدان أخر لبني عمرو ثم بلدة ( الركاكية ) ويسكنها قبائل وهم النعب وبنو بطاش والنوايرة ثم بلاد ( البيض ) وهي لقبيلة السوابق ثم بلاد ( سوط ) وهي لقبيلة السوطيين وهم ينتسبون إلى سليمة بن مالك بن فهم .
ثم بلاد ( الأشخر ) وهي لقبيلة تسمى الأشاخرة وقد صارت الآن لبني بطاش ثم تأتي بلدة ( الغبرة ) وهي من البلدان المهمة في الوادي حيث أنها لا تتأثر بالمحل وهي لقبيلة حنظلة من تميم الذين منهم الإمام الشاري المرداس بن حدير رضي الله عنه ولقبيلة السيابيين الذين ينتسبون إلى تغلب بن وائل وفيها قبيلة النوايرة وفيها الرحبيون أيضا .
و( لضيقة ) تاريخ قديم فقد قيل إن الماء الموجود فيها الآن دون ذلك وأنه يصل إلى طرف بلدة ( المزارع ) فقط حيث يسمى ذلك المكان الآن ( طرف الماء ) ثم حدثت جائحة عظيمة اقتلعت شجرة رول من حصن ( دما ) فحملتها إلى المكان المسمى ( المقطوبة ) فوقفت هناك لضيق المكان فرجع الماء في الوادي حتى وصلت الجمة بلدة ( السيدافي ) ولأجل ذلك حفر الماء في مجرى الوادي حفرة عظيمة من تحت ( المقطوبة ) فظهر هذا الماء العظيم الذي أخصب ( المزارع ) وصارت بذلك قرية عظيمة وكانت قبل ذلك أفلاجاً صغاراً تسمى ( المزارع ) ثم انقلعت الرولة من هناك حتى ألقاها الوادي في البحر .
وبعد ذلك عمرت ( المزارع ) وانتقل إليها الناس وأول من انتقل إليها من بني بطاش خنجر بن ورد جد أهل ( الغبيرة ) وقد كان بنو بطاش كلهم ( بالمسفاة ) أولاد فارس وأولاد ورد ثم انتقل بعد ذلك من ( المسفاة ) عدي بن خنجر جد أولاد محمد بن شماس وأولاد محمد بن شامس .
ولما أراد حكام آل بو سعيد عمارة ( حيل الغاف ) وقفوا يجولون في بقعتها وينظرون طيب الأرض وسهولتها رآهم مولى من موالي أهل ( المسفاة ) فقال ما تريدون أن تعملوا هنا فأجابوه أنهم يحاولون عمارة هذه البقعة فقال أتنظرون تلك الغافة لشجرة عظيمة هناك قالوا نعم قال فإنا قد أنزلنا ولد ناقة من بين أعواد تلك الغافة حملته ( ضيقة ) فقالوا له لعل ذلك لا يحصل في عصرنا .
وقد كان عمّر هذه الواحة قبل تلك المدة رجل عتبي وبنى الساقية في جانب الجبل وقاد الماء من قريب ( المزارع ) فجاءتـها جائحة فدمرت الساقية وأذهبتها وبقيت منها بقايا إلى الآن ثم عمّر آل بو سعيد الحيل وأجروا إليها الفلج وبنوا فيها البيوت والقلاع بنوا بيتاً في ( الخضراء ) وقلعة بقربه .
وفي سنة سنتين بعد ثلاثمائة وألف وقعت جائحة فدخلت بلاد ( الحيل ) وخربتها ولكنها لم تؤثر أثراً كبيراً .
وفي سنة سبع بعد الثلاثمائة والألف وقعت جائحة عظيمة دمرت البيت الذي ( بالخضراء ) وبلغت في الارتفاع إلى أن طرح الماء من نوافذ القلعة الموجودة ونزلت القلعة في الأرض أي ساخت وفاض الوادي إلى أن لاقى وادي ( المسفاة ) في موضع ( القحمة ) فانتقل بعد ذلك السيد محمد بن سليمان وبنى بيتاً في ( الشريعة ) ملاصق الجبل وبقي فيه هو وأولاده إلى أن انقرضوا .
وفي سنة أربع وعشرين بعد الألف والثلاثمائة وقعت جائحة أخرى وغطت ( الحيل ) بأجمعها .
وفي سنة سبع وستين بعد الألف والثلاثمائة وقعت جائحة أخرى فغطت بلاد ( الحيل ) وهرب الأهالي إلى محلة ( الجبل ) .


وفي سنة سنتين بعد الأربعمائة والألف وقعت جائحة أخرى وكانت محلة ( الحيل ) عامرة بالبيوت المبنية بالطين والإسمنت والمحلة كبيرة لأن ( الحيل ) ازدادت عمارتها وقد انتقل إليها أهل البلدان المجاورة لها وبالأخص موالي أهل ( المسفاة ) وبعض أهل ( المزارع ) وأهل ( محيا ) وبعض أهل ( قريات ) وأصبحت مزدحمة بالسكان فبغتهم الوادي ليلاً فهربوا بأرواحهم إلى محلة ( الجبل ) وذهبت ذخائرهم وأثاث بيوتهم وذابت بيوت الطين أما بيوت الإسمنت فإنها تماسكت مع أن هذه الجائحة دون جائحة سنة سبع بعد الألف والثلاث وهكذا هي إلى الآن لا تزال تنتظر الجوائح فإذا وقع مطر بالليل يبيتون على حافة الوادي ينتظرون خائفين وهكذا طول وقتهم والله يقدر الخير .
فهذه نبذة عن وادي ( ضيقة ) وما حدث منه أما ما يحدث ( بالمزارع ) وبوادي ( الطائيين ) فذلك يحتاج إلى طول ولنقتصر الآن على هذا والله المعين .

وقال رحمه الله في وصف وادي ضيقة في رحلة له خلاله :

حتى أتينا ضيقة المعروفه *** بالضيق والشدة هي موصوفه 
لكن رأيناها فويق الوصف *** فواصفوها لم يفوا بالنصف
طريقها تصعد قبلا في جبل *** لو سلك الأعصم في متنيه زل
تصعده القود على أذنابها *** لم تر قط راثيا لما بها
تطلع فيه العيس حتى ترتقي *** مع زحل والمرزمين تلتقي 
ثمة تهوي من هناك تنحدر *** على الخراطيم بأمر قد قدر
حتى تظن أن هويت في الثرى *** وليس من دنياك ما أنت ترى 
ثم مررنا ببحور زخرت *** لو أرسلت فيها المداسير جرت 
ثمة طود وهناك لجب *** والكرب والشدة شيء عجب
والدرب لو يسلكها الخريت *** لقال من مكروهها عميت 
أول ما تسلك في المقطوبه *** عقبة مهولة مرعوبه 
ثمة تأتي بعد ذاك الحال *** مسيبة تقطع رملا عال
فيها صخور وبحور طاميه *** والدرب لا تعرف عنها ما هيه 
ثمة يأتيك أبو الأثيب *** ولا أقول واحة العذيب 
ثمة عرجنا إلى المشقاص *** ولم نكن نطمع في الخلاص 
ثمة أتينا جبة الحريم *** نئن تحت صخرها العظيم 
والعيس لا ينقذها من هلكه *** إلا إذا تسبح سبح السمكه 
وبعدها جئنا إلى المقصيد *** مقصيد ناقة وصخر سود 
وقد رأينا أثر خف الناقة *** مع الخطام باديا في الصخرة 
كذاك أيضا أثرا لرجل *** في الصخرة الملساء بتم الشكل 
ولم نكن نعرف أمر ذين *** وذاك من عجائب التكوين 
ثم انحدرنا نبتغي بالغاف *** والقلب في خوف وفي ارتجاف
ثم لواد بعد ذا أتينا *** يدعونه علباء وانتحينا 
ثم أتينا بعد وادي النصف *** منحدراً من جبل ملتف 
طريقه تمر وسط صخرة *** ملساء يعرفونها بالشحمة 
ثم أتينا بعد للبطحاء *** ونحن في أمر من العياء 
ثم سلكنا بعد ذا أبا الزبد *** والعيس للعياء تقذف الزبد 
ثم انحدرنا نبتغي ذا الحبل *** ولم نكن نعرفه من قبل 
تجذب فيه الحمر بالحبال *** من أسفل إلى المكان العالي 
يا عجباً لهذه الأحوال *** وهذه الطريق والأهوال 
وذلك الفج الذي قد قدره *** ربي مسلكاً لمن قد عبره 
ثم أتينا بعد للمنكاس *** تنكس من مر لأم الراس 
ثم انحدرنا للقلاع الصفر *** ونحن في أمر وأي أمر 
ثم أتينا بعد جرف الناقه *** وللخلاص نفسنا مشتاقه 
وبعد واجهنا قلاع السود *** فانحل بعض الرعب والتشديد 
وقبل أن ينتصف النهار *** أخرجنا من بطنها المقدار 
فنحن منها إذ رأينا المخرجا *** كمثل ذي النون من النون نجا 
فانتعشت أرواحنا لما بدت *** لنا مزارع وتلكم بعدت


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق